ضع هذا جانبًا، فالقهوة مهمة لنا جدًّا أينما كنا في هذا العالم، لكن، هل نعلم ما الذي نشربه ومن أين أتى؟
لمساعدة عشاق القهوة على فهم كيف يُحضَّر كوبهم اليومي المفضل من القهوة، سنشرح بشكل مبسّط عن هذا المشروب، من البذور إلى الكوب.
زراعة القهوة
تستغرق القهوة وقتًا أكثر من عشر دقائق، فحبوب القهوة غير المحمصة هي عبارة عن حسلة داخل ثمرة حمراء أو أرجوانية، وغالبًا ما يشار إليها على أنها كرزة، وعلى الرغم من أنها بذور، فإنه يشار إليها بشكل غير صحيح على أنها “حبوب” نظرًا لشبهها بحبوب الفاصوليا. وغالبًا ما تحتوي ثمار القهوة (أو بمسمياتها الأخرى – حبوب البن أو كرزة القهوة) على بذرتين في داخلها. ويندر أن تجد ثمارًا تحتوي على بذرة واحدة (في هذه الحالة تسمى بـ peaberry) بدلًا من بذرتين كالمعتاد، وتتكون بذور القهوة في معظمها من سويداء البذرة كما هو الحال في الجوز البرازيلي والأرز الأبيض.
صِنفا القهوة الأهم من حيث الجودة الاقتصادية هما الصنفان المعروفان باسمَي “كافايا أرابيكا” المسؤولة عن 75-80٪ من إنتاج البن العالمي، في حين أن “كافيا كانيفورا” المعروف أيضا باسم “روبوستا” هو المسؤول عن حوالي 20٪ من الإنتاج العالمي.
تستغرق البذور الجديدة نحو شهرين ونصف حتى تنبت، في حين أن البذور القديمة قد تستغرق أكثر من ستة أشهر حتى تنبت. وغالبًا ما تكون نباتات القهوة الصغيرة هشة إلى حدٍّ ما، لذا يُحتفَظ بها عادة تحت غطاء يظلّها لحمايتها من العناصر.
تظليل شتلات القهوة
تحتاج نبتة البن إلى 3-4 سنوات من زراعتها حتى تثمر وتبدأ مزرعة القهوة بإنتاج الفاكهة التي يمكن حصادها للحصول على قهوة عالية الجودة، حيث تزهر نبتة القهوة وتتحول الأزهار إلى حبوب الكرز خلال فترة تتراوح بين 30 إلى 35 أسبوعًا، ويستمر الإنتاج إلى فترة من 10 إلى 20 عامًا، ويتوقف ذلك على نوع النبتة وطبيعة البيئة التي تنمو فيها.
حصاد كرز القهوة ومعالجته
بشكل عام، يكون كرز القهوة جاهزًا للحصاد بعد 4-5 سنوات من الزراعة، ويكون هنالك موسم سنوي للحصاد في معظم البلدان المنتِجة للقهوة، بينما في بعض البلدان مثل كولومبيا هنالك موسمان للحصاد سنويًّا.
يعمل عددٌ كبيرٌ من العمال في حصاد كرز القهوة في العديد من البلدان، حيث يقومون بالحصاد يدويًّا؛ نظرًا لأن زراعة القهوة تتم في البلدان النامية حيث اليد العاملة الرخيصة، إضافةً إلى صعوبة التضاريس حيث يصعب تشغيل آلات الحصاد.
إذًا، كيف يتم الحصاد؟
يعرف مُزارع القهوة أن حبوب الكرز أصبحت جاهزة للحصاد عندما تتحول إلى اللون الأحمر الزاهي، ثم يتم قطف الكرز من كل غصنٍ دفعةً واحدةً، أو بانتقاء الكرز الناضج فقط. ويتم قطف كل غصنٍ دفعةً واحدةً وبغضّ النظر عن اللون، بوضع اليد على الغصن ومن ثم سحبها ببساطة على طول الفرع، ودفع جميع الحبوب باتجاه السلة. ومن الممكن تضمين الكرز الأخضر في الحصاد، ولكن سيؤثر سلبًا في طعم القهوة إذا تمت معالجته مع الكرز الناضج.
قطف كرز القهوة عن كل غصن دفعة واحدة.
وفي حال قرر المزارعون حصاد الكرز الناضج فقط، فإنهم يعودون إلى الشجرة مرةً أخرى بعد عدة أيامٍ لحصد أي كمية إضافية من الكرز التي نضجت منذ ذلك الوقت.
انتقاء كرز القهوة الناضج
معالجة القهوة
الانتهاء من حصاد كرز القهوة لا يعني أن عمل المزارعين قد تم، فبذور القهوة (حبات البن) بحاجة إلى استخراجها من الكرز.
يُعدّ كرز القهوة عبارة عن بذور القهوة محاطة بطبقة لمّاعة، وطبقة كالورق المرقط، وطبقة من البكتين، وطبقة من اللب، وطبقة من الجلد الخارجي، ما يعني أنه يجب إزالة هذه الطبقات الخارجية، ويجب أن تتم عملية الإزالة بسرعة بعد الحصاد لتجنب تضرر حبوب القهوة.
مقطع عرضي لكرز القهوة
بعد نمو ثمار البن وحصادها، تمر القهوة في مرحلة مهمة تؤثر تأثيرًا بالغًا في طعم القهوة، وهي مرحلة المعالجة، حيث تُنتَزع حبات البن الخضراء من داخل الثمرة (القشرة).
في معظم الأحيان تلجأ المزارع الصغيرة لمعالجة قهوتها مع المزارع الأخرى في الجوار لعدم توفر المساحة الكافية، أما بالنسبة إلى المَزارع التي تهتم بإنتاج قهوة مختصة تعالجها تحت إشرافها. وتُختار طريقة المعالجة بناءً على عدة عوامل منها:
1- العادات المحلية.
2- إمكانية الوصول للماء.
3- طلب الزبائن.
طرق المعالجة:
- غسل القهوة
هنا تمرّ حبات كرز القهوة في آلةٍ لنزع الغلاف الخارجي مع الإبقاء على المادة اللزجة، ثم تُنقَع حبات البن لمدة تتراوح بين الساعة إلى يومين، ما يجعل المادة اللزجة تذوب وتتلاشى.
بعد ذلك تُستَخرج من الماء وتُترَك لتجف في ساحاتٍ معرضةٍ لأشعة الشمس، وقد توضع على ما يشبه السرر المرفوعة، وتعتمد عملية التجفيف على قوة الشمس والمناخ حيث تستغرق عدة أيام .
- المعالجة بالغسيل:
وغالبًا ما ينتج عن هذه الطريقة قهوةٌ عالية الحموضة ومتناسقة، ما يجعلها الأكثر استخدامًا.
- التجفيف (المعالجة الطبيعية)
وهي الطريقة الأقدم لمعالجة القهوة، حيث تُعرَّض حبات كرز القهوة إلى الشمس بعد الحصاد، ويستخدم المزارعون إما الساحات الأرضية التي تسطع عليها الشمس مباشرةً أو ما يشبه الأسِرّة المرفوعة، ثم بعد ذلك يُزال الغلاف الخارجي وتُخزَّن القهوة.
وينتج عن هذه الطريقة من المعالجة قهوة حموضتها قليلة وممتلئة القوام.
- المعالجة العسلية:
هي عملية مختلطة بين الطريقتين السابقتين، وفيها يُنزَع لبّ القهوة بإزالة الغلاف الخارجي مع الإبقاء على المادة اللزجة، ثم تجفف القهوة.
وينتج عن هذه الطريقة قهوة أكثر تناسقًا من القهوة التي تنتج عن طريق التجفيف، إضافةً إلى أن الإطار الخارجي اللزج (العالي بالسُّكر) يؤدي إلى زيادة ملحوظة في الحلاوة.
- التقشير الرطب:
تبدأ كما تبدأ العملية العسلية، ولكن القهوة تجفف ليومٍ واحدٍ فقط مع اللب اللزج، ثم يُغسل البن ويُجفف ويُنزع اللب قبل أن تُجفف حبات البن.
وينتج عن هذه العملية قهوة ذات قوام ثقيل وحموضة قليلة.
- التقشير الآلي:
بعد أن يقوم المزارعون بمعالجة كرز القهوة، لا يتم التقشير بشكل كامل، حيث تبقى بعض الطبقات ملتصقة على بذور القهوة. فيلجأ المزارعون لاستخدام آلات التقشير لإزالة الطبقات الرقيقة المتبقية على البذور بعد معالجتها سواء بالغسيل أو التجفيف.
وبعد الانتهاء من التقشير الآلي، تبقى طبقة لمّاعة رقيقة على حبوب القهوة، ويعدُّ إزالة هذه الطبقة اختياريًا، لكن تتفوق الحبوب المقشرة بالكامل على الحبوب التي ما زالت مغلفة بالطبقة اللماعة.
ومن ثم يتم فرز حبوب القهوة وتصنيفها، وفصل الحبوب الصغيرة والحبوب الملطخة ببقايا القشور العالقة. كما تقوم آلات التقشير باستبعاد الحبوب التي تضررت من الحشرات أو خلال عملية المعالجة.
- مرحلة التصدير:
في هذه المرحلة، يكون قد أصبح لدينا حبوب البن الخضراء الجاهزة للتصدير أو لبيعها في السوق المحلية. ومن الجدير ذكره أن حجم العمالة في سوق تصدير البن العالمية صادم؛ حيث أن هناك ما يقدر بنحو 5 ملايين شخص يعملون في مجال زراعة ومعالجة القهوة حول العالم.
ومع ذلك، ولمجرد أن حبوب القهوة جاهزة للتصدير، لا يعني أنها جاهزة للشرب بعد…